التعليق على مدونة الاسرة: مقدمة في أركان الزواج (5).

    بعد تعريف الزواج وشرح التعريف الذي اعتمدته مدونة الأسر ة المغربية، نشرع بحول الله في تفصيل الكلام على أركان الزواج وشروط كل ركن.
 لكن قبل ذلك سنمهد الكلام ببيان  مفهومي الركن والشرط حتى نميز بينهما، لاختلاف الآثار التي تتريب على فقدانهما . 
    فالركن هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم ،أي ما يتوقف وجود العقد على وجوده، لذلك فتوفر الركن أمر وجودي، ذلك  ان تخلف الأركان او احدها ، يجعل إمكانية حصول الزواج في الواقع منعدمة أو في حكم العدم، إن لم نقل مستحيلا، لأن الركن داخل في ماهية العقد وجزء منها. 

من ذلك مثلا أنه لا يتصور حصول زواج بدون زوجين أي رجل وامرأة، وإذا وجدا فلا يمكن الارتباط بينهما بدون صيغة أي ان يعبر احدهما عن رغبته في الزاو ج من الآخر، وان يقبل هذا الاخير ليحصل الاتفاق. 

    اما الشرط فلا يمنع من حصول العقد في الواقع، لكن يمنع صحته، لذلك عرفوا الشرط بأنه ما يلزم من وجوده الصحة، ومن عدمه الفساد أي عدم الصحة. 

فمثلا إذا كان احد الزوجين قاصرا لم يبلغ سن الزواج بعد، فإنه يمكن عقد الزواج بينهما لتوفر ركنه، لكن في الواقع فقط، اما من الناحية الشرعية والقانونية فإن هذا الزواج تخلف فيه شرط الاهلية وهو كون احد الزوجين قاصر فيكون العقد فاسدا معرضا للفسخ.

    وإذا علمنا المقصود بالركن والشرط، بقي أن نبين العلاقة بينهما، ذلك ان الركن ضروري لحصول العقد في الواقع ، اما الشرط او الشروط فتتعلق بالأركان يجب توفرها فيها حتى يكون العقد صحيحا يرتب آثاره الشرعية. 

 ومعلوم ان فقهاء الإسلام يجعلون أركان الزواج أربعا أو خمساحسب الاختلاف بينهم وهي على التوالي : 
    الزوجان .
    الصيغة .
    الصداق.
    الإشهاد .
و الولي عند من اعتبره ركنا في الزواج وإن كان في الحقيقة مجرد نائب عن الزوجة وإلا فهي الطرف الثاني في العقد.

     وإذا اعتبرنا مفهوم كل من الركن والشرط الذي بيناه آنفا، نجد أن للزواج في حقيقة الأمر ركنان فقط  إذ عليهما يتوقف حصول الزواج في الواقع، وهما : الزوجان والصيغة .
وبذلك يكون الصداق والاشهاد مجرد شرطين، ينطبق عليها مفهوم الشرط لأنه يمكن تصور حصول الزواج في الواقع بدونهما، وكذلك الولي عند من يقول بركنيته. 
       لكن الفقهاء يطلقون على هذه الأربعة أركانا تساهلا في التسمية، لأن الشرع يلح على توفرهما، فعدم الإشهاد على الزواج، أو الاتفاق على إسقاط الصداق يجعل هذا العقد باطلا في نظر الشرع أو في حكم المعدوم ، إذ مثل هذا  الارتباط لا يمكن اعتباره زواج شرعيا والمعدوم شرعا كالمعدوم حسا كما  تقول القاعدة الفقهية. 
وسنسير على هذا الاصطلاح والتقسيم فنعتبر الجميع أركانا.

وعليه فأركان الزواج التي سندرسها ونعلق عليها أربعة وهي : 
    الزواجان .
    الصيغة.
    الصداق.
    الإشهاد. 
وسنخصص كل ركن بالتعليق مع بيان شروطه وما يترتب على تخلفها من آثار.

إرسال تعليق

0 تعليقات