التعليق على مدونةالأسرة : أركان الزواج - الصيغة -. (6).

بعد أن عرفنا بمفهومي الركن والشرط ننتقل  إلى التفصيل في أركان الزواج ، وما يتعلق بكل ركن من شروط ، واول هذه الأركان هو الصيغة .

اولا : المقصود بالصيغة.

 والصيغة هي كل ما يدل على الإيجاب والقبول من الزوجين بأن يدر منهما أو عن من ينوب عنهما أو عن احدهما ما يفيد الرضا بالزواج . 

وتختلف طرق التعبير عن الرضا بالزواج ، ولا شك ان التعبير بلفظ واضح غير محتمل أفضل طرق هذا التعبير، وقد يكون هذا الوضوح من جهة اللغة ، وقد يكون من جهة العرف . كما يجوز لغير القادر على التبير باللفظ أن يلجأ إلى طرق اخرى كالكتابة أو الإشارة المفهومة من الطرف الآخر. وقد نصت مدونة الاسرة على هذه الاحكام في المادة العاشرة التي تقول فيها : 
نعقد الزواج بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر، بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا.
- يصح الإيجاب والقبول من العاجز عن النطق بالكتابة إن كان يكتب، وإلا فبإشارته المفهومة من الطرف الآخر ومن الشاهدين.
فدلالة اللفظ على الرضا يجب أن تكون قطعية، لما يتريب على هذا اللفظ من آثار ، لذلك كانت الأسبقية للألفاظ الدالة لغة على الزواج ، ثم للألفاظ الدالة على الزواج في عرف المتعاقدين ، لأن هذه الالفاظ أذا تم تداولها بين شخصية يشتركان في دلالتها العرفية كانت في حكم القطعية الدلالة مقلها مثل الأدلفاظ الدالة على الرضا من جهة اللغة. 

ولا ينتقل عن اللفظ إلى عند تعذر التعبير بالكلام لعجز في النطق . ذلك ان الرضا امر كامن في النفس لا يظهر إلا بالتعبير عنه بالصيغة التي تدل عليه ، وقد اعتنى الفقهاء المسلمون بالصيغة وعدوها ركنا من أركان العقد [أنظر احكام الأسرة  لابن معجوز].

ثانيا : والتعبير عن إردة الزواج يتكون من شقين وهما : الإيجاب والقبول


فالإيجاب هو التعبير الذي يصدر من احد الطرفين اولا ليعرب عن رغبته ورضاه بالزواج.
 اما القبول هو  التعبير الذي يصدر من الطرف الآخر ردا على  صاحب الإيجاب ، والقبول معناه الموافقة على طلب الزواج الذي تقدم به الموجب ، ولا ينعقد العقد إلا اذا كان اقبول مطابقا للإيجاب ، وأن يكونا باتين نهائيين وقد نصت المادة الحادية عشرة من مدونة الأسرة على شروط الإيجاب والقبول ، ونصها: 

   المادة 11
يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا :

1- شفويين عند الاستطاعة، وإلا فبالكتابة أو الإشارة المفهومة ؛
2- متطابقين وفي مجلس واحد ؛
3- باتين غير مقيدين بأجل أو شرط واقف أو فاسخ.

 ثالثا : اقتران الإيجاب والقبول

وقد حسمت المدونة في امر الخلاف الفقهي حول  الإيجاب والقبول هل يجب صدورهما في مجلس واحد بلا فاصل بينهما أو لا يجب ذلك . 
وقد اختلف المالكية ي ذلك ففريق منهم يرى أن القبول يجب أن يتم فور صدور الإيجاب، لإإذا تأخر بسبب انشغال الاطراف بأمر آخر ثم صدر القبول ، اختلفوا هل يعتبر ذلك القبول إيجابا جديدا يحتاج بدوره إلى قبول ، وقيل إن المدة اليسيرة لا تضر . 
ويى فريق آخر ان من المالكية انه لا يجب الفور وانه متى لحق القبول الإيجاب فإن العقد ينعقد ما لم يكن الموجب قد رجع عن إيجابه. 

وقد أخذت مدونة الأسرة بالرأي الأول واشترطت  الفور، أي اي لا بد ان يصدر الإيجاب والقبول في مجلس واحد على وجه التطابق ، وأن يكونا باتين غير مقيدين بأجل او شرط واقف أو فاسخ . 

لكن الواقع أن الرأي المعمول به بين الناس هو انهم لا يشترطون الفور ، غالبا ما يطلبون أجلا للرد على الإيجاب القبول أو بالرفض ، وهذه ممارسة يصعب مراقبتها من الناحية العملية . إلا أذا  اعتبر الإيجاب والقبول الصادرين أمام العدلين هما المعتبران في انعقاد العقد ، لا ما دار بين الطرفين من ألفاظ وتعابير تفيد الرغبة في الزاوج والرضا به. 

رابعا : إذا تلبست الصيغة بعيب من عيوب الإرادة

ويشطرت كذلك في الإيجاب او القبول أن يعبرا عن الإرادة الحرة والحقيقية في الزواج من الطرفين، وأن يكون هذا التعبير غير مشوب بأي عيب من عيوب الإرادة كالإكراه والتدليس واخترازا من هذا الأمر أحالت المادة الثانية عشرة على  المادتين 36 و 66 ، اللتان تطبق أحكامهما في حالة ثبوت  حصول أي إكراه أو تدليس. 
وستأتي مناقشة هذه الاحكام عند الكلام عن الزواج الفاسد.  

إرسال تعليق

0 تعليقات