التعليق على مدونة الأسرة : أنواع ا لزوج وأحكامه.: الزواج الصحيح وآثاره (11).


اذا توفرت في عقد الزواج أركانه وشروطه المطلوبة شرعا وانتفت موانعه انعقد صحيحا نافذا، وترتبت عنه كافة آثاره من حقوق وواجبات بين الزوجين والابناء والأقارب وهذا ما بينته المادة 50 من مدونة الأسرة بقولها:  

" إذا توفرت في عقد الزواج أركانه وشروط صحته، وانتفت الموانع، فيعتبر صحيحا وينتج جميع آثاره من الحقوق والواجبات التي رتبتها الشريعة بين الزوجين والأبناء والأقارب، المنصوص عليها في هذه المدونة".
وإذا اختل ركن من أركانه فإنه يقع باطلا، أما إذا اختل شرط من شروطه فإنه يقع فاسدا، وهذا ما قصدته المدونة بإطلاق الزواج غير الصحيح حسب المادة 56 التي جاء فيها :" الزواج غير الصحيح يكون إما باطلا و إما فاسدا"

النوع الأول: الزواج الصحيح وآثاره.

الزواج الصحيح حسب المادة 50 هو الذي توفرت شروط صحته، وانتفت موانعه، وإذا كان كذلك فإنه ينتج كل آثاره من حقوق وواجبات.
 أولا :   الحقوق والواجبات المترتبة على الزواج.
وهذه الحقوق حسب المادة 51 من مدونة الاسرة هي:
1.    المساكنة الشرعية:
 ويقصد بها ان يقيم الزوج والزوجة معا في بيت الزوجية، وأن يمكن كل منهما الآخر من حقه في الاستمتاع. فالزوج يجب ان يستقر مع زوجته في بيت الزوجية إلا أن يكون له عذر كالسفر... والزوجة مطالبة بالانتقال إلى المسكن الذي عينه الزوج مقرا للأسرة وليس لها ان تمتنع.
2.    المعاشرة بالمعروف:
والأصل فيها قوله تعالى :"وَعَاشِرُومَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَیَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِیهِ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰا" [النساء :19]، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة المسلمين على حسن معاملة زوجاتهم من ذلك ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قال : فال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" خيركم خيركم لأهله وانا خيركم لأهلي". 
3.    المشاركة بين الزوجين في تحمل مسؤولية ورعاية الأسرة.
وهذه الفقرة فيما يبدو من نتائج الميول الأيديولوجية لبعض المساهمين في وضع المدونة ، وقد احلوها محل حق النفقة التي تجب شرعا  على الزوج لزوجته، وربما كان الغرض منها هو إظهار المساواة بين الزوجين في تحمل التبعات المالية للأسرة، لكن العمى الإيديولوجي غطى على تبعات أخرى تتحملها المرأة وهي الحمل والإرضاع والرعاية حسبما يشهد به الواقع، ولا يمكن لنصوص مؤدلجة أن ترفعه، إذا كان الواجب التنصيص على النفقة باعتبارها حقا للزوجة على زوجها وهذا لا يمس مبدأ المساواة في شيء، لكنهم يريدون تحقيق المماثلة بين الجنسين وهو أمر متعدر لأن لكل جنس ما يميزه عن الجنس الآخر ولا بد من مراعاة هذه الاختلافات دون المساس بمبدأ المساواة.
مع العلم أنه رغم تجاهل حق النفقة في قائمة الحقوق الزوجية، فإن المدونة قد نصت عليها ضمن إجراءات الطلاق وخاصة نفقة العدة التي يتعين على القاضي ان يحكم بها إلى جانب التبعات المالية الأخرى، كما اعتبرت النفقة دينا ممتازا له الأسبقية في الاستيفاء، وهذا من مظاهر عدم الانسجام بين موادها.
4.    التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير شؤون الأسرة.
ما قيل في الفقرة السابقة يقال في هذه الفقرة كذلك.

إذ لم تكن هناك حاجة للتنصيص على التشاور بين الزوجين في اتخاد القرارات لأمرين:
 أولا: لأنه شأن خاص بين الزوجين.
 وثانيا: لعدم إمكانية مراقبة حصول هذا التشاور قانونا وواقعا، كما أنه لا توجد شكليات وإجراءات محددة يتخذ القرار وفقها ويوثق، ولا توجد طريقة للطعن في قرار زوجي لم يقبله أحد الطرفين، وبالتالي فوضع هذه المادة لا ينتج ثمرة في الواقع لأن النص القانوني يجب ان يكون مرتبطا بالواقع حتى يضبطه ويقومه وفق مقتضياته.
5.  حسن معاملة كل واحد منهما لأبوي الآخر وزيارتهم واستزارتهم.
نفس الأمر يقال بالنسبة هذه المادة.
6.  حق التوارث.
حق التوارث من الحقوق المتبادلة بين الزوجين، لأن الزواج من أسباب الإرث الشرعية إلى جانب القرابة.  فالزوج يرث في تركة زوجته إذا ماتت وهي في عصمته، او ماتت قبل ان تنتهي عدتها من طلاقة رجعي، كما ترث الزوجة في زوجها إذا مات وهي في عصمته، أو مات عنها وقد طلقها طلقة رجعية بشط ان يكون موته في عدتها في عدتها، وترت منه كذلك إذا طلقها في مرض موته ولو بعد انتهاء عدتها عند مالك رحمه الله.

 ثانيا :  أثر الإخلال بالحقوق والواجبات الزوجية.

والإخلال بهذه الواجبات المنصوص عليها في المادة 51 من مدونة الأسرة من أحد الزوجين يبيح للطرف الآخر المطالبة بما هو ملزم به أو اللجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد من 94 إلى 97.. وسيأتي الكلام مفصلا عن مسطرة الشقاق في موضوع لاحق.
وقد يصل الأمر إلى درجة تدخل النيابة العامة في حالة إخراج احد الزوجين الآخر من بيت الزوجية بدون مبرر، وهذا التدخل يكون من أجل إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية حالا مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحمايته وامنه كما نصت على ذلك المادة 53 من المدونة.

ثالثا :   حقوق الأطفال على آبائهم.

 اما حقوق الأطفال فقد نصت عليها المادة 54 بتفصيل لا يحتاج إلى مزيد شرح ونصها :
" للأطفال على أبويهم الحقوق التالية :
1- حماية حياتهم وصحتهم منذ الحمل إلى حين بلوغ سن الرشد.
2- العمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها خاصة، بالنسبة للاسم والجنسية والتسجيل في الحالة المدنية.
3- النسب والحضانة والنفقة طبقا لأحكام الكتاب الثالث من هذه المدونة.
4- إرضاع الأم لأولادها عند الاستطاعة.
5- اتخاذ كل التدابير الممكنة للنمو الطبيعي للأطفال بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية والعناية بصحتهم وقاية وعلاجا.
6- التوجيه الديني والتربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل، واجتناب العنف المفضي إلى الإضرار الجسدي، والمعنوي، والحرص على الوقاية من كل استغلال يضر بمصالح الطفل.
7- التعليم والتكوين الذي يؤهلهم للحياة العملية وللعضوية النافعة في المجتمع، وعلى الآباء أن يهيئوا لأولادهم قدر المستطاع الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري والبدني.
- عندما يفترق الزوجان، تتوزع هذه الواجبات بينهما بحسب ما هو مبين في أحكام الحضانة.
- عند وفاة أحد الزوجين أو كليهما تنتقل هذه الواجبات إلى الحاضن والنائب الشرعي بحسب مسؤولية كل واحد منهما.
 - يتمتع الطفل المصاب بإعاقة، إضافة إلى الحقوق المذكورة أعلاه، بالحق في الرعاية الخاصة بحالته، ولا سيما التعليم والتأهيل المناسبان لإعاقته قصد تسهيل إدماجه في المجتمع.
- تعتبر الدولة مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم ورعايتها طبقا للقانون.
- تسهر النيابة العامة على مراقبة تنفيذ الأحكام السالفة الذكر.

 رابعا: أثر الزواج في العلاقة بالأقارب.

ينشئ الزواج آثارا تمتد إلى أقارب الزوجين كموانع الزواج الراجعة إلى المصاهرة والرضاع والجمع وقد أشرنا إلى ذلك آنفا، ولا حاجة لإعادته هنا. 
من جهة أخرى لم المدونة او تجاهلت مسألة العدل بين الزوجات في حال التعدد

إرسال تعليق

0 تعليقات